يوجد مفهوم يسمى طاقة التنشيط ويعبر عن الحد الأدنى من الطاقة التي يجب أن تكون متاحة لحدوث التفاعل الكيميائي. بدايةً لنفترض أنك تحمل عود ثقاب وقمت بتحريكه بلطف على شريط الضرب الموجود على جانب الصندوق، لن يحدث شيء طبعًا ! لأن الطاقة اللازمة لتنشيط التفاعل الكيميائي وإشعال النار غير موجودة. لــكن لو ضربت عود الثقاب على الشريط ببعض القوة فإنك ستخلق الاحتكاك والحرارة اللازمتين لإشعال النار في العود. الطاقة الإضافية التي أنشأتها كانت كافية للوصول لعتبة طاقة التنشيط وبدء التفاعل. يعني أن التفاعلات الكيميائية تتطلب طاقة إضافية للبدء ثم تستمر بقية الطريق .. تشارك طاقة التنشيط في التفاعلات الكيميائية في كل مكان حولنا، لكــــــن
كيف يكون هذا مفيدًا وعمليًا لحياتنا اليومية وبناء عادات أفضل؟
مثلما يمتلك كل تفاعل كيميائي طاقة تنشيط، يمكننا أن نفكر في كل عادة أو سلوك على أنه يحتوي على طاقة تنشيط أيضًا. هذا مجرد تشبيه طبعًا، لكن بغض النظر عن العادة التي تحاول بناءها، هناك قدر معين من الجهد المطلوب لبدء هذه العادة. في الكيمياء، كلما زادت صعوبة حدوث التفاعل الكيميائي، زادت طاقة التنشيط، وبالنسبة للعادات كذلك كلما كان السلوك أكثر صعوبة أو تعقيدًا، زادت طاقة التنشيط اللازمة لبدء هذا السلوك. على سبيل المثال، يتطلب الالتزام بعادة أداء تمرين الضغط مرة واحدة يوميًا القليل جدًا من الطاقة للبدء. وفي الوقت نفسه، فإن القيام بـ 100 تمرين ضغط يوميًا هو عادة ذات طاقة تنشيط أعلى بكثير. سيتطلب الأمر المزيد من التحفيز والطاقة والعزيمة لبدء عادات معقدة يومًا بعد يوم.
– افصل الأهداف عن العادات:
غالبًا تكون هناك مشكلة أن الأهداف الكبيرة تتطلب طاقات تنشيط كبيرة. في البداية، قد تكون قادرًا على العثور على الطاقة اللازمة للبدء كل يوم لأنك متحمس لهدفك الجديد، ولكن غالبًا في غضون أسابيع قليلة يبدأ هذا الدافع في التلاشي وفجأة تفتقر إلى الطاقة التي تحتاجها لتفعيل عادتك كل يوم.
هذا هو الدرس الأول: العادات الصغيرة تتطلب طاقات تنشيط أصغر وهذا يجعلها أكثر استدامة. كلما زادت طاقة التنشيط لعادتك، كلما أصبح من الصعب أن تظل ثابتًا على المدى الطويل. عندما تحتاج إلى قدر كبير من الطاقة للبدء، فمن المحتم أن تمر عليك أيام لا تبدأ فيها أبدًا.
– اعثر على محفز لعادتك:
يبحث الجميع عن التكتيكات والحيل التي يمكن أن تجعل النجاح أسهل. عند الكيميائيين عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع التفاعلات الكيميائية، فإن الحيلة الوحيدة التي يستخدموها هي ما يعرف بالمحفز.
المحفز هو مادة تعمل على تسريع التفاعل الكيميائي. في الأساس، يعمل المحفز على تقليل طاقة التنشيط وتسهيل حدوث التفاعل. لا يتم استهلاك المحفز بواسطة التفاعل نفسه. بل هو موجود فقط لجعل رد الفعل يحدث بشكل أسرع.
– صمم بيئتك:
إن أقوى حافز لبناء عادات أفضل هو تصميم البيئة (ما يسميه بعض الباحثين هندسة الاختيار).
الفكرة بسيطــة: تؤثر البيئات التي نعيش ونعمل فيها على سلوكياتنا،
فكيف يمكننا هيكلة تلك البيئات لجعل العادات الجيدة أكثر احتمالًا والعادات السيئة أكثر صعوبة؟
يمكن لبيئتك أن تحفز عاداتك بطرق كبيرة وصغيرة. إذا قمت بتجهيز حذاء الجري وملابس التمرين في الليلة السابقة، فهذا يعني أنك خفضت طاقة التنشيط المطلوبة لممارسة الجري في صباح اليوم التالي.
إذا استأجرت خدمة وجبات لتوصيل وجبات منخفضة السعرات الحرارية إلى باب منزلك كل أسبوع، فقد خفضت بشكل كبير طاقة التنشيط المطلوبة لإنقاص الوزن.
إذًا الدرس الثاني: البيئة المناسبة هي بمثابة المحفز لعاداتك، فهي تقلل من طاقة التنشيط المطلوبة لبدء عادة جيدة.
أخيرًا:
تكشف المبادئ الأساسية للكيمياء عن بعض الاستراتيجيات المفيدة التي يمكننا استخدامها لبناء عادات أفضل.
- كل عادة لها طاقة تنشيط مطلوبة للبدء. كلما كانت العادة أصغر، قلت الطاقة التي تحتاجها للبدء.
- تعمل المحفزات على تقليل طاقة التنشيط اللازمة لبدء عادة جديدة. يعد تحسين بيئتك أفضل طريقة للقيام بذلك في العالم الحقيقي. في البيئة المناسبة، كل عادة تكون أسهل.
- حتى العادات البسيطة غالبًا ما يكون لها خطوات وسيطة. تخلص من الخطوات الوسيطة التي تتمتع بأعلى طاقة تنشيط، وسيكون تحقيق عاداتك أسهل.
التعليقات 1