أمضينا سنوات في الدفاع عن الإنتاجية وإدارة الوقت بكفاءة. ورأينا عددًا لا يحصى من المقالات والمناقشات حول المفهوم المراوغ المتمثل في “التوازن بين العمل والحياة” والسعي إلى الكمال في هذا العالم المجزأ.
اليوم نريد أن نتحدى هذا النموذج ونقترح طريقة جديدة للتفكير: يجب أن نتوقف عن السعي لتحقيق التوازن بين العمل والحياة وأن نسعى ببساطة لتحقيق التـــوازن عمومًا.
“أسطورة التوازن بين العمل والحياة”
إن مصطلح “التوازن بين العمل والحياة” معيب بطبيعته. ويخلق انقسامًا مصطنعًا بين العمل والحياة، كما لو أن الاثنين متنافيان. نحن نقسم وجودنا إلى قوتين متعارضتين، إحداهما تجذبنا نحو التزاماتنا المهنية والأخرى نحو مساعينا الشخصية.
وتؤدي لعبة شد الحبل هذه إلى إدامة دورة من الشعور بالذنب وعدم الرضا، حيث نشعر دائمًا بأننا لا نعطي ما يكفي لجانب أو آخر.
نهج مختلف: التوازن ككل
بدلاً من تقسيم حياتنا إلى عمل وحياة، دعونا نعيد صياغة المحادثة.. نتحدث اليوم عن التوازن ككــل. يجب أن يشمل التوازن كل جانب من جوانب حياتنا، بما في ذلك صحتنا الجسدية والعقلية والعاطفية والروحية.
يتعلق الأمر بالتناغم مع أنفسنا وبيئتنا، مما يسمح لجميع أجزاء حياتنا بالتعايش والازدهار.
من خلال استهداف التوازن بدلاً من التوازن بين العمل والحياة، فإننا نعترف بأن كل جانب من جوانب حياتنا مترابط. ونتقبل أن رفاهيتنا في العمل ترتبط ارتباطًا جوهريًا برفاهيتنا في المنزل، والعكس صحيح.
إن السعي لتحقيق التوازن يتطلب منا إعطاء الأولوية لما يهم حقًا واتخاذ خيارات واعية حول كيفية تخصيص وقتنا وطاقتنا.
نهج شمولي لتحقيق التوازن
لتحقيق التوازن، يجب علينا أولاً تحديد العناصر الأساسية التي تساهم في رفاهيتنا بشكل عام. قد تشمل هذه علاقاتنا، وصحتنا، وهواياتنا، وحياتنا المهنية، وتطورنا الشخصي، ونمونا الروحي. بمجرد أن يكون لدينا فهم واضح لما هو مهم بالنسبة لنا، يمكننا اتباع نهج شامل لرعاية كل جانب.
- العلاقات: استثمر الوقت في بنائها والحفاظ على روابط قوية مع العائلة والأصدقاء والزملاء. ازرع التعاطف والتفاهم والدعم لبعضكم البعض.
- الصحة: إعطاء الأولوية للصحة الجسدية والعقلية من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام “وأكيد حنا معاك“، وتناول نظام غذائي متوازن، وممارسة الرعاية الذاتية. وطلب المساعدة المهنية إذا لزم الأمر.
- الهوايات: ممارسة الأنشطة والاهتمامات خارج العمل التي تجلب الفرح والرضا والشعور بالإنجاز.
- المهنة: طور مهاراتك المهنية واجتهد لتحقيق النمو والإنجاز في المجال الذي اخترته. ضع حدودًا لمنع العمل من استهلاك حياتك.
- التنمية الشخصية: الانخراط في التعلم المستمر والتحسين الذاتي. توسيع معرفتك واستكشاف وجهات نظر جديدة.
- النمو الروحي: فكر في معتقداتك وقيمك الأساسية، وابحث عن طرق لرعاية نفسك الداخلية من خلال اليقظة الذهنية أو التأمل أو الممارسات الروحية الأخرى.
أخيـــــــرًا تذكر أن تبني نمط حياة متوازن لا يحدث بين عشية وضحاها. فهو يتطلب النية والالتزام المستمر. ابدأ بتحديد أهداف واقعية ودمج هذه التغييرات تدريجيًا في حياتك اليومية. تحلى بالصبر مع نفسك.
وتذكر أن التوازن رحلـــــــة وليس وجهة.